جلس رجل في الستينيات من عمره تعلوه مسحه حزن وتعب السنين ..على كرسي في حديقه المنزل والى جانبه جلس ابنه الوحيد يقرأ كتابآ واضعآ قدمآ فوق الاخرى,وكان الاب ينظر الى ابنه تارة ويغيب في الذكريات تاره اخرى....
وفجأة وفي لحظات الهدوء حط عصفور على سور الحديقه ..
فقطع الاب صمت المكان وسأل بصوت يكاد يختنق.. ما هذا...??!!! والتفت الى ولده...
فأجاب الابن بصوت به لحن التأفف ...عصفور.!!وغاب في صفحات كتابه فسرح الاب في ذكرياته....
وفجأة.. قفز العصفور امام الاب واخذ يقفز ملتقطآ ما يطاله منقاره من حب وطعام...فعاد الاب وقطع الصمت مرة اخرى وقال :ما هذا...??!! ولكن بصوت اجرأ من الاول... فعدل الابن من جلسته بعد ان انزل قدمه عن الاخرى والتفت الى والده وقال: بعصبيه...: عصفوووووور....
فعاد الاب الى حنين الماضي وجال سنوات عمره الواحدة تلو الاخرى وفي غمرتها استيقظ على زقزقه العصفور ينظر اليه..فأبتسم له ابتسامه وكأنه يكلمه..ونطقت شفتاه بصوت اجش... ما هذا...?!
فصاح الابن متأففآ ورمى الكتاب على الكرسي والتفت الى والده ووقف وهو يتمايل تأففآ تاره للاعلى واخرى للاسفل وهو يحرك يديه بأتجاهه وبأتجاه العصفور....انه عصفووووووور ...ع ...ص ..ف... و... ر.... فهمت الان...?!!
فأبتسم الاب ونهض من مكانه واتجه الى المنزل بخطى متثاقله ..وعاد الابن والتقط كتابه وكأن شيئآ لم يحدث.
بعد بضع دقائق عاد الاب وبيده دفتر لونت السنين صفحاته باللون الاصفر ...وجلس في مكانه وفتح احدى الصفحات وطلب من ابنه ان يقرأ, وبتردد أخذ الابن الدفتر ونظر الى الصفحه الباليه وتمتم في سره شيئآ... فقاطعه الاب بصوت كالرعد قائلآ :..بصوت اعلى..فاهتز الابن وقرأ......وسط هدوء مذهل
"في مثل هذا اليوم اكمل ابني عامه الثالث وكنت سعيدآ وهو يجلس بجانبي على كرسي الحديقه وفجأه حط عصفور صغير بجانبي فسألني ..ما هذا..?!!فأجبته بأنه عصفور... وكرر سؤاله هذا واحد وعشرين مره وفي كل مره كنت اجيبه والفرحه تغمرني وكنت احضنه في كل مره والاعبه واضعه في حضني....كم كنت مسرورآ...."
فتنهد الاب ورفع رأسه الى السماء....فالتفت الابن لوالده ببطئ مليء بالخجل وقد اغرورقت عيناه بالدمع وارتمى يقبل كفي والده وبكى ولسان حاله يقول: سامحني يا أبي.. وضم والده بحراره لم يشعرها بحياته قط.
قال تعالى: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً *إما يبلغن عندك الكبر احداهما او كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريم)