لقد أصبح للعرب ظهر يستندون عليه
منذ أن أعلن الشعب المصري ثورته ، وبدأ يسقط الشهيد تلو الشهيد وجريح يتبعه جريح ، ليمتزج هذا الدم الطاهر بتلك الأرض الطاهرة ومنها يبدأ التغيير ، وليس التغيير يبدأ وينتهي بمصر وحدها بل على الخارطة العربية بشكل عام ، حتى وإن لم يتغير الجميع ، على الأقل عادت أرض الكنانة إلى سابق عهدها ، عاد المجد وعادت القوة لها وللعرب ، وكيف لا وهي مصر العروبة ومصر الثورات .
إن التوازن الذي تعيده مصر للعرب بشكل عام هو الدور الذي طالما انتظره الجميع والذي غاب في ظل وجود حسني مبارك ومن قبله أنور السادات ، فتراجع حال مصر سياسياً وتراجع شعبه من الناحية الاقتصادية إلى الوراء كثيراً وتلك كانت عملية ممنهجة ومخطط لها ، لمعرفة أعداء أمتنا بأهمية مصر وقوة شعبها وروحهم الثورية العربية الأصلية وتمسكهم بقضاياهم العادلة وقضايا الأمة العربية.
إن ما حدث في فلسطين وآخرها الحرب على غزة ، ما كان ليحدث لو أن مصر هي مصر اليوم أو مصر الثورة ، مصر سعد زغلول وجمال عبد الناصر، إن حالة الضعف هذه استغلتها إسرائيل ومارست هوايتها بالقتل والذبح وارتكاب المجازر الواحدة تلو الأخرى دون نرى تحرك للعرب، ففي الوقت الذي كانت به الشعوب العربية تنظر لمصر أو للنظام المصري تحديداً أن تفعل أي شيء ولكن كان لسان حالها ( أي النظام في مصر ) في ظل رئاسة حسنى مبارك يقول نعم للقتل افعلوا ما شئتم فأنا الآن مشغول بجمع المليارات، ومع هذا كنا نرى القهر الذي في وجوه المصريين حالهم حال الشعوب العربية الشريفة ، يقتلهم القهر وهم ساكتين مكبلي الأيدي لأنهم ساستهم يحكمونهم بالحديد والنار.
أما الآن فتغير المشهد بعد أن عادت مصر وعيوننا تشخص نحو دورها الفاعل في قلب المشهد السياسي العربي من خلال ترأسها وضمها للمبادرات العربية في الوقوف في وجه من يتربصون بالشعوب العربية مستغلين ثروات بلادنا وخيراتها، بالتنسيق مع ساستنا.
كل هذا جعل مشاكلنا متواترة ومتشابهه لحد بعيد بين حالة الإفساد في مصر لما عليه في تونس والجزائر وليبيا والأردن وسوريا.. الخ، وإن اختلفت النماذج لكن النهج واحد ، وحتى مسألة بيع وخصخصة الشركات والمصانع وانتشار البطالة أيضا، وكذلك أصبحنا مجموعة من الإرهابيين أمام الغرب وما حكامنا سوى مطاردين لهؤلاء الإرهابيين.
ومن المثير للدهشة أن هنالك عوامل مشتركة الذي تجمع تلك الدول وقياداتها علي نمط ونهج واحد سياسيا واقتصاديا ، لدرجة أن تتكون مافيا تتحكم بقبضتها على تلك الدول التي تأن من الديون ونهب الأموال من الناس بالباطل، ونهب ثروات البلاد وبيع مقدرات شعوبها ، وكأن هناك خطة لتركيع تلك الدول ويقوم بها الحكام قبل أن يتركوها ركاما وحطاما ، لتدخل في فوضي وانقسامات وتجزئة وتفتيت لأركان الدولة.
أيها القادة العرب ( القدامى والجدد أو الذين سوف تجتاحهم ريح ثورة التغيير ) من المحيط إلى الخليج ، صفقنا لكم كثيراً وعظمتكم شعوبكم وآن الآن أن تجتمع كلمتنا ، ونوحد جهودنا ونرتب أوراقنا ونضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض ، وندرس وضعنا لنصلح أنفسنا لنكن قادرين على مواجهة العدو الصهيوني الذي فرقنا ، ولنكن جديرين لأن نحرر أرضنا بتعاون العقل والسلاح معا ، وبتماسكنا سنعرف متى نستخدم العقل ومتى نستخدم السلاح و بتماسكنا سنبني دولة العدل و القانون ، و لن تنجح بتحالفنا دول الغدر والخيانة في التطاول علينا و علينا أن نقول لا للتحالفات السياسية والعسكرية على حساب مقدرات هذه الشعوب.
إن شعوبنا أصبحت أكثر وعياً وأكثر وتفهماً عاشت تونس شرارة الثورة وعاشت مصر حرة أبية أم الثورة وأم الدنيا، وعاشت ثورات الشعوب العربية المناشدة للحرية والعدالة ودحر الفساد والمفسدين.
د.خالد جبر الزبيدي
khaledjz@hotmail.comعمان – الأردن
13/4/2011